حمى السينما
ارتبطت بدايات التفكير في السينما في مصر منذ لحظاتها المبكرة، لحد كبير، بعلاقة مركبة ومتوترة ما بين وضعية السينما كمنتج استعماري بالأساس، والمظهر التكنولوجي لها كأحد التعبيرات الكبرى عن الحداثة، واستحوذت هذه الجدالات على جانب كبير من الخيالات المتعلقة بالتعاطي مع السينما آنذاك، التي كرسها فيما بعد حالة الفوضى الاقتصادية التي شهدها المجتمع المصري خلال الفترة ما بين الحربين، والتي اتخذت فيها تجارة السينما دورًا مؤثرًا في النشاط الاقتصادي المصري، والذي سيطر عليه الأجانب بصورة كبيرة، منذ بدايات السينما وحتى المحاولات الأولى لتمصير الصناعة مع ستوديو مصر، ومن خلالها تبلورت علاقة النخب الثقافية في مصر بالسينما، والوضعيات الجديدة التي خلقتها في المجتمع، وأشكال التفاعل معها، وذلك في ظل صعود الجماعة الوطنية المصرية، وتطور الأفكار السياسية والحقوقية المصاحبة لها، وموقعها من الاستعمار، والتي ترتبت عليها بشكل كبير كافة التطورات التي شهدتها الثقافة السينمائية في العقود التالية، وحتى تأميم صناعة السينما وإعادة خصصتها من جديد، والتراكمات المعرفية والاجتماعية التي أفضت إليها، عبر المداخلات النقدية معها، وتطور ثقافة المشاهدة والممارسة، وظهور مؤسسات الرقابة والعرض والجهات القائمة على إنتاج وتشغيل العمليات الخاصة بالسينما؛ فمن خلال تفحص تلك التواريخ والأرشيفات، حاولنا تخيل منهج للتفكير والعمل، تتبعنا من خلاله تلك الأفكار والانحيازات المعرفية والسياسية التي تشكلت عبر هذه العلاقات، لنفهم بشكل أكبر، بواسطة تشكيل تلك الخريطة، موقعنا من كافة الممارسات المتعلقة بالسينما اليوم، سواءً على مستوى النقد أو المشاهدة، وأشكال المداخلات التي يمكن أن نقوم بها حيالها، ونوعية المعرفة التي تنتجها في المقابل.
برنامج “حُمى السينما: محاولة لقراءة تاريخ الثقافة السينمائية في مصر” وهي ورشة عمل بحثية تقترح مسارًا لإعادة القراءة والتفكير في تواريخ الثقافة السينمائية، وأشكال التعاطي مع السينما في مصر منذ بدايات القرن العشرين وحتى اللحظة الراهنة؛ من خلال تتبع مظاهر النشاط السينمائي وأشكال التفاعل والأعمال المؤسسية من النشر والصحافة السينمائية والنقد ونوادي السينما والمهرجانات ومؤسسات الرقابة والعرض وشركات الإنتاج والتوزيع وتحولاتها خلال هذه الأوقات، وذلك على مدار 5 جلسات عمل، طور منهج البرنامج وقدمه القيّم والناقد/ علي حسين العدوي