تشكل تعقيدات المساحة الفنية المعاصرة وأسئلة الفنون البصرية الراهنة منطلق هذا البرنامج. فقد ظهرت فكرته بعد معايشة مستجدات الساحة الفنية من عدة زوايا نظرية وفنية وتقنية، ومتابعة الممارسات الفنية في عالمنا اليوم الذي يتداخل فيه الفضاء العام المعولم مع الفضاء العام الرقمي مع الخطابات العامة المحلية. كما يحاول الخروج من أفق ضيق تُتداول فيه الصور والممارسات الفنية ويتم أيقنتها وتعليبها وصولًا إلى استغلالها لإبقاء الوضع كما هو عليه. بينما ينطلق البرنامج من رؤية الوظيفة النقدية والتغييرية للفنون، وأهمية مسائلة الواقع وخطاباته الرائجة. علاوة على ذلك، يتخذ البرنامج نقطة انطلاق له من محاولة سد الفجوة بين المعرفة التقنية الغالبة على البرامج التعليمية، وبين المعرفة النظرية والنقدية التي يرى أن الفنان بحاجة إلى التعرض لها والتفاعل معها، وتطوير أساليب فنه وسردياته الذاتية من خلالها. كما يؤمن البرنامج بأهمية المشاركة التفاعلية كوسيلة للتعلم، وأن طرح الأسئلة الملحة تسفر عن ممارسات فنية أقرب إلى ذات فاعلها وما يعبر عنه.
الأهداف العامة
ثمة أسئلة رئيسية تشغل بال المنشغلين بمساحة الفنون البصرية اليوم، ومنها انطلقت أهداف البرنامج وهي:
إيجاد مساحة لإعادة التفكير في الخطابات الفنية الرائجة.
إنتاج خطاب فني يسائل السائد وينقده ويتجاوزه.
إنتاج خيال يستطيع التحليق بعيدًا عن السرديات القائمة.
تخيل دور المجال العام في السياق الفني وتحديد شكله وعلاقاته.
ومن هذه الأهداف تنبثق أهداف خاصة بالمشاركين في البرنامج تكمن في:
توسيع اطلاعهم على أشكال من الفنون البصرية الموجودة في عالم اليوم، وجدالاتها النقدية وأسئلتها الملحة.
التربيط بين فناني الفنون البصرية في المنطقة وتبادل خبراتهم ومعارفهم وتجاربهم.
كسر القوالب الذهنية التي تحول بين الفنان وإبداعه وتفاعله مع رؤيته للعالم وموقعه فيه
تشجيع حس التجريب في العمل الفني، وأن يكون العمل نتاج رحلة من البحث والتعلم والتأمل.
الخطة
يعتمد البرنامج خطين رئيسيين، الأول هو خط المقابلات الفنية الدورية مع الفنانين المشاركين ومتابعة ما يطرأ على أفكارهم حول المشروع الفني الذي يحاولون إنتاجه من خلال البرنامج، ومناقشة أسئلتهم والتجاوب مع احتياجاتهم.
والخط الثاني هو الورش الفنية التي يتنوّع ميسروها وتختلف خلفياتهم لتوسيع أفق البرنامج واهتماماته، وتتسم هذه الورش بمرونة كافية، وتعتمد على مناهج مختلفة تثري أفكار المشاركين، ومقاربات نقدية تحاول تناول الفنون البصرية من زوايا عديدة. فبدأ البرنامج بورشة افتتاحية وانتهى بورشة ختامية وإقامة معرض فني للمشاركين، وبين محطة البداية والنهاية ورش مختلفة ومتابعات شخصية دورية.
تفاصيل الورش وأهدافها
الورشة الافتتاحية
الموضوع: الإطار والتجريد
الأهداف: تتناول هذه الورشة خلفية نظرية عن مفهوم الإطار، وتحاول مقاربة موضوع التفكير من خلال التجريد، وتقديم الفكر باعتباره منتجًا، ومساحة لتشكل الذوات، كما تحاول مناقشة إطارات الفكر والإنتاج والعلاقات بينهم.
الورشة التمهيدية الأولى
الموضوع: الثقافة والفنون بين المؤسساتية والجماعاتية
الأهداف: تطرح هذه الورشة أسئلة تنطلق من الواقع الفني والثقافي الأوسع، وتحاول التفكير في تطور الثقافة في مصر بين الأفكار والمؤسسات، وكيف تطورت العلاقات بين ما هو فني، وما هو أدبي، وما فكري، في سياق سياسي يتجاوز الجماعات بمختلف أشكالها؟ كما تحاول هذه الورشة تبيئة النقاش الفني، ووضعه في سياق تاريخي وثقافي ممتد.
الورشة التمهيدية الثانية
الموضوع: المتاحف والعالم المعاصر
الأهداف: تفرد هذه الورشة مساحة للتفكير في المتاحف باعتبارها مؤسسات فنية، وتحاول سرد تاريخها، حيث تنتبه إلى فكرة المتحف وحداثة هذه الفكرة وارتباطها بالحداثة معرفيًا وعمليًا، كما تحاول استبصار مستقبل مؤسسة المتحف في ظل التغيرات التي تطرأ على علاقة الجمهور والفنان بالمؤسسات الفنية.
الورشة الأولى
الموضوع: النصوص والفنون
الأهداف: تتناول هذه الورشة النص باعتباره وسيلة تواصل، ووسيلة التواصل الغالبة على تاريخ المجتمعات الإنسانية، وتحاول التفكير في الكتابة وتقييداتها باعتبارها ممارسة. كما تتطرق إلى فكرة النصوص باعتبارها مساحة أدائية وموضوعًا للفن وليست بديلة عنه أو شكلًا من أشكاله فحسب. وتحاول النظر إلى النص باعتباره سحرًا أو خيالًا من خلاله مقاربته مقاربة فنية. وهي بذلك تسعى إلى التفكير في النصوص من عدسة الفنون البصرية، وفتح مساحة تعبيرية جديدة لا تنأى بنفسها عن الكتابة أو تعارض وسائل التعبير بوسيلة الكتابة كما هو شائع.
الورشة الثانية
الموضوع: مساحة الفن المعاصر
الأهداف: تطرح هذه الورشة القلق في مساحة الفن المعاصر للنقاش، وتركز على دور المعارض الفنية في صياغة خطاب الفن المعاصر، والتفكير في ما أصبح سائدًا في خطابات هذا الفن، وعن العلاقة بين الاقتصاد والتاريخ والاستثمار المالي وإنتاج الفنون وممارستها وخطاباتها وتوجهاتها.
ورشة صغيرة
الموضوع: منطق المونتاج
الأهداف: إعادة التفكير في الصورة، وعلاقة منتجها ومستهلكها، وكيف تُنتج الصورة في عصر يغلب عليه اليوم تحول كل شيء إلى صورة وأيقونة، وذلك بالنظر إلى عملية المونتاج عن قرب نظرية تقنية ومعرفية.
ورشة صغيرة
الموضوع: كتابة الملخصات الفنية
الأهداف: تحاول هذه الورشة التقنية مساعدة الفنانين على كتابة ملخصات مشاريعهم الفنية، وصياغة مقترحاتهم، والانتباه إلى تفاصيلها الإجرائية والمالية، وذلك خدمة لهدف البرنامج للجمع بين المعرفة التأملية والعملية، ولئلا يتعثر الفنان في هذه الخطوة.
الورشة الثالثة
الموضوع: البحث الفني والميديا
الأهداف: تسعى هذه الورشة إلى معالجة إهمال الخطاب الفني لمسألة البحث، وتطرح أهمية فكرة البحث في بلورة العمل الفني، وكيف يمكن للبحث الفني أن يختلف على البحث التقني المراكم للمعرفة؟ وتحاول استكشاف العلاقة بين الكتابة أو البحث، والميديا أو الوسائط التي يتناولها البحث وهي في نفس الوقت تشكله ويشكلها. كما تحاول ألا تحصر رحلة البحث نفسها في مرحلة سابقة على العمل، ولا أن تكون وسيطًا بديلًا للتعبير.
الورشة الرابعة
الموضوع: إنتاج المعرفة والتأمل في العالم المعاصر
الأهداف: توسع هذه الورشة من نطاق اهتمامها فتشمل أشكال التأمل العقلي والمعرفي والفني والفلسفي جميعًا، وكيف يمكن بناء مساحة من النقد والتشكيك في التفكير التأملي السائد والعلاقة مع المؤسسات المالية والثقافية والأبوية القائمة في عالمنا اليوم؟ وهل يمكن تأسيس الذوات بمنأى عن هذه التفاعلات؟ هذه الذوات تكون قادرة على التأمل والمسائلة والتشكيك والنقد والتفكيك، وتتعامل مع ذواتها في سياقها الحالي وتعقيداته.
الورشة الختامية
الموضوع: إنتاج المعرفة وتراكمها
الأهداف: تحاول هذه الورشة تأمل رحلة الورش السابقة، والتأمل في فكرة إنتاج المعرفة وتراكمها، وأن تمزج بين مكونات وموضوعات الورش التي سبقتها، إذ قاربت جميعها موضوعات متشابهة تحتاج إلى تأمل وتفكير لإيجاد الروابط بينها، وفي نفس الوقت تتأمل في تطور أفكار المشاركين ومعارفهم في أثناء هذه الرحلة.
أين يكمن الفن في المساحة الفنية؟!
أدى انحسار المجال العام في الآونة الأخيرة إلى جعل خطاب “الفن كمحرك للتنمية والتغيير الاجتماعي” محل تساؤل. كما نرى على المستوى العالمي تأزم الديمقراطيات النيابية في تمثيل الكثير من فئات المجتمع الواقعة تحت هيمنة ومركزية الرجل الأبيض وتصوراته عن العالم مثل المواطنين من أصول جنوبية والمهاجرين واللاجئين وكثر آخرين إلى دفع المواطنين للبحث عن مساحات افتراضية للتعبير والإبداع والنقاش تسمح بقدر من الاشتباك مع أزمات الديموقراطية وضياع أهدافها.
نجد الفضاء الافتراضي في مصر على سبيل المثال وليس الحصر يتمثل في الفضاء الإلكتروني والمساحات الفنية والثقافية. وبالرغم من وجود حرية نسبية للتعبير عبر المواقع والمنصات الإلكترونية والتفاعلية إلا إن أبسط العلاقات الإنسانية لا تمر إلا عبر الصور التي يتم أيقنتها وتعليبها لكي تُنسى سريعا ضمن فيضانات صور التواصل الاجتماعي. في هذه الأثناء تغدو المساحة الفنية أو مؤسسة الفن المعاصر تحديدا كونها تعكس المنطق الثقافي للرأسمالية المتأخرة المعولمة بصرف النظر عن موقعها الجغرافي وحجمها كأنها إسفنجة ضخمة تبتلع كل شيء لمجرد أنه ممكن تخيله وقابل للحدوث.
وفي ظل السياق الإنتاجي للفن المعاصر يضطر فنانو الجنوب العالمي إلى الانطلاق من محدداتهم الثقافية بدلاً من الخصوصية الإنتاجية وكأنها في معزل عن الظروف العالمية التي أدت إلى تشكلها. وبالتالي تتراوح عملية الإنتاج الفني لفنانين الجنوب العالمي تحديدا بين التنازلات المستمرة والمراوغات لتحديات الإنتاج المتمثلة في السياق المحلي والعالمي في آن واحد.
نصيغ أسئلة هذا البرنامج حول التنازل والمراوغة في قلب العلاقة التمثيلية بين المؤسسات الفنية والمجال العام. تدفعنا معضلة الإنتاج تلك إلى التصريح بضرورة الخروج من أيقنة الفنون المعاصرة للمجال العام والتي تعتمد بالكامل على هيراركية الخطابات والجماليات المنتجة لمعايير القيمة حتى وإن كانت تعتبر نقدية، ولكنها لا تخلو من الإقصاء المعرفي.
كيف يمكننا أن نطور مساحة تعيد التفكير في الخطابات النقدية الرائجة السهلة كسلع خارج إطار سيطرة الحداثة المركزية الأوروبية بحيث نتعامل مع الفكر الأوروبي باعتباره مادة مثل أي فكر وليس معيار؟
كيف يمكن لتلك المساحة إنتاج خطاب يسائل ويتجاوز السائد على المستوى المحلي والعالمي؟
هل يمكننا الآن المساهمة في نقد وخيال يتجاوز السرديات التقليدية؟
من خلال هذا البرنامج نقترح المساحة التعلمية كمساحة للقاء المعرفي والاجتماعي وبالتالي توفر فرصة لإعادة إحياء شروط العمل الجماعي الجامع للمشاركين سواء في ظل البرنامج الدراسي أو في مجالات العمل والإنتاج الفني. نطمح لتكوين مساحة فنية تقوم بمساءلة الصور النمطية في مجال التحليل الاجتماعي بالإضافة إلى ذلك تحرص على تخيل دور وشكل المجال العام في غيابه بدل من الاكتفاء بالتعويض الصوري له. يتم تعريف هذا البرنامج تحت عنوان “برنامج دراسي” في محاولة إبراز أولويات البرنامج نظريا وإنتاجيا. نطمح أن يوفر البرنامج مساحة للمشاركين لاستكشاف ممارساتهم الفنية وخصوصياتها المتعلقة بعلاقاتهن المعنية بالمجال العام وغيابه والصراعات المحلية في تقاطعاتها مع السياسات العالمية، من خلال مواجهة الأفكار بذوات مفعمة بمذاق الحياة بدلاً من بلاغتها فقط.
رؤية عامة
برنامج بهنا الدراسي للفنون البصرية (٢٠٢١ – ٢٠٢٢) هو مساحة دراسية تهدف إلى تطوير مهارات التفكير النقدي والبحثي لدى المشاركين من الفنانين بما يجعلهم أكثر جاهزية للتواصل مع المجتمع الذي يعيشون فيه وإدارة حوار بناء مع البيئات والسياقات المختلفة والمتنوعة لهذا المجتمع. يتكون البرنامج من ورش عمل مطوّلة تمهيدية مع قيمي المشروع ومع ضيوف متخصصين مصريين وعرب ودوليين، فنانون وقيمون ومفكرون وباحثون ومنظرون فنيون، يقومون بمناقشة قراءات ومشاهدات وأعمال فنية كذلك سيقومون بزيارات وجولات فنية ولقاءات عامة مع الجمهور وطرح أسئلة مستقبل المساحة الفنية والإنتاج الفني عبر عدة موضوعات تشغل الحقل الفني في مصر والعالم.
أهداف البرنامج
يسعى المشروع إلى إشراك مجموعة متدربين بشكل فعال ليقوموا بتطوير مشروعاتهم الفنية سواء كانوا طلبة فنون أو فنانين ناشئين أو مشتغلين بالثقافة والفنون مهتمين بالفنون البصرية المعاصرة، بدون شروط سن أو جندر أو ممارسة فنية معينة.
فلسفة البرنامج
يطمح هذا البرنامج الدراسي إلى المشاركة في تأسيس جيل من الفنانين المعاصرين يسعى الى أن يكسر الحدود الفاصلة بين الفكر والمعرفة من جهة، والفنون من جهة أخرى عبر إنتاج فني ومعرفي نقدي ومركب ينطلق من السياقات التاريخية إلى العالم بشكل يتجاوز نقديا وإنتاجيا معايير المركزية الأوروبية والثنائيات التقليدية في المشهد الفني المصري منذ أكثر من عشرين عاما مثل:
**الرسمي في مواجهة المستقل.
**المحلي في مواجهة العالمي.
**المعرفة النقدية في مواجهة جودة العرض الإنتاجية.
**اللوحة والمنحوتة في مواجهة الفيديو والمحاضرة الأدائية.
حيث نرى أن كل ما هو “رسمي” و “مستقل” ما هو إلا أنماط إنتاج تعكس اقتصادات مختلفة يجب على الفنان أن يتعامل معها بوعي نقدي عبر ممارسات فنية آن لها أن تتجاوز النقد المؤسسي لأن تصل إلى نقد البنى التحتية المكونة للعملية الفنية نفسها.
محتوى البرنامج
مدة البرنامج سنة كاملة تنتهي في سبتمبر 2022، تسبقها ورشة عمل تمهيدية في مايو 2021 مقدمة من قيمي البرنامج.
يتكون البرنامج من خمس ورشات عمل أساسية تتناول أشكال فنية مثل النصوص والصوت والبحث والمجال الرقمي من جانب المهارات والمفاهيم يبدأ أولها في سبتمبر ٢٠٢١ وينتهي آخرها في يونيو ٢٠٢٢. مدة كل ورشة اسبوعين ويفصل بين كل ورشة والتالية فترة لا تقل عن أسبوعين مخصصة لقراءة النصوص التحضيرية للورشة التالية والعمل على تطوير المشروع الفني الخاص بكل مشارك في ظل الورشة الفائتة. تخصص الأيام الثلاث الأخيرة من كل ورشة عمل لجلسات فردية بين الفنانات والفنانين المتقدمين للورش والمشاركين بهدف تناول المشروع الخاص بكل مشارك.
تلي المدة الأساسية ورشة عمل ختامية مع قيمي البرنامج خلال شهر يونيو ٢٠٢٢ وتعتبر ورشة تمهيدية للعمل على المعرض الختامي للبرنامج الدراسي (سبتمبر ٢٠٢٢). يتزامن مع فترة العمل على تحضير المشاريع بغرض المشاركة في المعرض الختامي سلسلة من اللقاءات مع فنانين ومنظرين في برنامج عام ومفتوح.